رمضان أيام زمان
إلى الآباء والأمهات .. إلى أبنائي وبناتي .. هذا رمضان / أيام زمان
بداية دخول شهر رمضان المبارك يبتهج الناس ويستعدون له ، بتلاوة القرآن الكريم في المساجد أو في بعض الدكاكين ، ويتسابق الجميع لفعل الخير واكتساب الثواب في هذا الشهر الكريم ، ويتم التواصل والتراحم بين أفراد الأسر وبين الأهل والجيران في مختلف الأحياء ، ومن أهم الملامح الرمضانية الجميلة :
الأسواق في رمضان :

تنتشر أسواق الطائف القديمة في وسط السوق داخل السور بدكاكينه العتيقة وأزقته وبرحاته المتعرجة.. وأشرعته البالية من الخيش.. بدائية العمل .. جميلة المنظر . في ذلك الوقت.. يُعرض فيها ما هو موجود من المواد والبضائع .. واللوازم المنزلية .. تشاهد في وسط السوق محلات بيع الحطب والخشب والفحم والغاز .. ومحلات معدات الخردوات ومحلات البناء والحدادة ومواد الزراعة والحراثة القديمة.
كما تشاهد من الناحية الأخرى دكاكين بيع السمن والعسل وكافة الحبوب والملابس القديمة ودكاكين بيع الخضرة والفاكهة واللحوم ذلك هو الطائف القديم .. تاريخ تليد وماضٍ مجيـد عاش النـاس سنوات عامرة بالحب والعطاء ، وعشنا بعدهم على ذكريات تاريخهم وعاداتهم الطيبة. حركة البيع تبدأ مع تباشير الصباح الوضاء .. الكل في دكانه أو بسطته يكثر البيع والشراء ، بعد صلاة الظهر ترى حركة غير مألوفة عن باقي الأشهر ، إذ تشاهد بائعي السمبوسة والكنافة البلدي واللقيمات والحلويات الأخرى أمام بسطاتهم يعرضون ما لذ وطاب من الأكلات الرمضانية ، تسمع النداء من كل جانب لنداء للإفطار .. بقولهم : فطورك يا صائم .. في الجنة جوه يا صائم .. وحَّد ربك يا صائم .. فطورك ياصائم . ومع هذه النفحات الرمضانية ..الكل فرح سعيد بهذا الشهر العظيم .. ( يا رمضان يا أبو الشربة والقدحان ) وذلك لكثرة الزبادي والصحون على السفرة والموائد .
تغلق الدكاكين .. قبل صلاة المغرب لأداء الصلاة وتناول الإفطار .. بعد أخذ قسط من الراحة وأداء صلاة العشاء والتراويح في المساجد .. بعضهم يقوم بفتح محله حتى الساعة الرابعة ليلاً بالتوقيت الغروبي أي الساعة العاشرة ليلا بالتوقيت الزوالي وبعضهم ينام حتى وقت السحور .. وتدور عجلة السنين في دورات سريعة كعقارب الساعة تلاحق الزمن وإلى عهد قريب ، ومن المشاهد التراثية القديمة .
في ليالي رمضان تشاهـد الأطفال .. وهم ذاهبون إلى الأزقة والأحياء .. جماعات جماعات .. بأيدهم بعض العلب والعصي وهم ينشدون بعض الأهازيج الشعبية .. الرمضانية .. مثل :
يا غزال يا غزال .. شيبــــــه
فوق روس الجبال .. شيبـــــه
يا من ضائع له غزال .. شيبه
يا شجــــــــرة الجنزبيـــــله
يا حلــــــوة ويا صغــــــيره
يا ليتني تحـــــت ظلـــــك
يا شجــــــرة الجنزبيلــــــة
حبــا حبـــا يا مرحبـــــــا
بــللي جـــــاء حبـــا حبــا
يا مرحبـــــا بــللي جـــــاء
وهكذا تمر الليالي والأيام .. تأتي ليالي العيد .. تشاهد الأسواق .. قد إزدانت بالأتاريك والفوانيس وبعد فترة من الزمن بالكهرباء والثريات في المحلات والبسطات .. لبيع المواد الغذائية من سمن وعسل وحب ودقيق ، وحلويات العيد المتنوعة مع الأهازيج الشعبية ( يا حلاوة العيد يا حلاوة / الكل سعيد يا حلاوة ، من العم سعيد يا حلاوة ، من مال جديد يا حلاوة / يا حلاوة العيد يا حلاوة ) وكذلك من الملابس بأنواعها وغتر وعمائم ومشالح وعقال مقصب ، وعطور / وماء ورد/ وماء كادي / وبخور وعود بأنواعه.. الناس بين غاد ورائح ، هذا بائع وذاك مشتري ، وفي الليالي الأخيرة من شهر رمضان .. وليالي العيد السعيـدة يأتي رجل من المواليـد ..اسمه مرجان . تراه بين الناس بثوبه المسدح .. أبيض جميل في يده عصاه ( مشعاب صغير ) في وسطه حلة قشيبة مصنوعة من "أظلاف الأغنام" يهز وسطه برنة جميلة .. يمنة ويسرة يصدح بأبيات حلوة المعنى .
يا سيدي والعيد جانا ، يا سيدي ابغى الغبانة
يا سيـــدي مقطـــــــع جديد
ويا سيــدي والعيــــــــد جانا
يا سيـــدي أبـغى الغبانــــــة
تراه في الأسواق تراه في ليالي العيد من كل سنة تـــراه مع الجميع هذا مرجان الشهير وبوفاته انتهت هذه العادة الجميلة من ليالي العيد بالطائف المأنوس بالأمس القريب .
العادات الرمضانية :

· من العادات الحسنة بين أفراد الأسرة وخاصة في شهر رمضان ولياليه المباركة ، تزداد أواصر المحبة بين الأهل والجيران من التزاور والسمر في تلك الليالي الكريمة . يسهرون يتسامرون على القهوة والشاي أو القهوة الحلوة أو بعض المسليات الخفيفة ، الكربو ( المنفوش ) ودجاج البر والمكسرات ، وفي بعض الأوقات الفول والترمس والحلبة (هذه الأنواع من البقول) تنقع بالماء لمدة يوم أو يومين حتى تصبح جاهزة للأكل ، وهي تباع في الأسواق أو مع الباعة المتجولين إذ يضعونها في دوار خشبي يحمله البائع على رأسه ، ويطوف به بين الأزقة والحارات ، وينادي بأعلى صوته : فول على ترمس النافع الله يا حلبة ( الحلبة ) معروفة لدى النساء .
· ومن العادات المألوفة بين الأهل والأقارب الإفطار في رمضان عند كبير العائلة الجد أو الأب إذ يذهب الابن مع أسرته وأطفاله إلى عميد الأسرة لتناول وجبة الإفطار ، الأب مع الأبناء مجتمعون حول السفرة المستديرة أي المفتة المدورة من سعف النخل التي تحتوي على ما لذا وطاب من المأكولات الرمضانية من السمبوسة والقطائف والكنافة الطائفية ، حيث لا تخلو أي سفرة من هذه الأصناف طوال شهر رمضان .
·
المِسَحْراَتِي : من العادات القديمة التي اندثرت خلال السنوات الماضية والتي لا يعرفها كثـير من شبابنا وفتياتنا ( الِمسَحْرَاتِي ) أي المُسحِرْ ، فقد كان لكل حارة مُسحَرْ ، ففي حارة أسفل من بيت أبو لبن والشافعي ومن حارتي فوق والسليمانية ، حامد قريش وطوال ليالي شهر رمضان المبارك وقبيل مدفع السحور يطوف المسحراتي بين الأزقة والحارات يعلن بدء السحور ، ويتنقل من مكان إلى آخر بيده الطبلة والفانوس والعصا ليقرع بها على الطبلة بدقات جميلة ويقف عند كل صاحب بيت ويناديه باسمه واسم أولاده بأعلى صوته الرخيم الجميل ، ( يا صائم وحد ربك الدائم سحورك يا صائم ، يا نائم قم وحد ربك الدائم ، سحورك يا صائم ، يا نائم وحد الدائم ) والأولاد والأطفال جالسون لسماع صوت المسحراتي يناديهم بأسمائهم حيث يفرحون لذلك استعداداً للسحور مع أسرتهم وبإيقاظ الناس على السحور دليل على أنهم ينامون مبكرين ولا يسهرون إلى الصبح كما هو حالنا في هذه الأيام .كما كان يطوف في الأيام العادية ولياليه طوال السنة رجل معروف وهو الشيخ / أحمد بارفعه (رحمه الله ) بين الأحياء يبلغ النائمين بقرب صلاة الفجر بعد التهليـل والتكبير يردد الصلاة الصلاة يا نائم ، الصلاة الصلاة يا عباد الله ، الصلاة الصلاة ثم يناديه باسم صاحب البيت الصلاة الصلاة بذكر الله
وهي عادة جميلة بين السكان قديماً .